الشيخ الروحاني مصطفى الزيات

الشيخ الروحاني مصطفى الزيات
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الروحاني مصطفي الزيات

الأحد، 18 فبراير 2018

سحر الوسوسة القهرية وكيفية علاجه الشيخ الروحانى مصطفى الزيات 00201124436244

ابتلي بعض المسلمين اليوم بهذا الداء العظيم وهو الوسوسة ، ويعزى انتشار ذلك بسبب البعد عن منهج الكتاب والسنة ، ونتيجة لذلك حصل التخبط والضياع ، وغالبا ما يكون ذلك بسبب تسلط الجن والشياطين وتعرضهم للإنس لابعادهم عن خالقهم سبحانه وتعالى ، وتكون الوسوسة على عدة أوجه :
1)- وسوسة خارجية :
إن المعاناة التي يعاني منها المريض والتي تتعلق بهذا الجانب تؤثر تأثيرا كبيرا على سلوكه وتعامله مع نفسه ومع الآخرين ، فتراه غير منضبط في سلوكه وتصرفاته ، ويشعر دائما بالنقص في شخصيته وقدراته ، ولا بد لمن يعاني من هذا الداء وعلى هذا النحو أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى وأن يهتدي بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم لمعالجة ذلك الأمر الخطير ، وعادة ما يكون تأثير الوسوسة الخارجية على النحو التالي :
الوسوسة في العقيدة والدين :
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال : وقد وجدتموه قالوا : نعم ، قال : ذاك صريح الإيمان ) أخرجه الإمام مسلم .
روي في الصحيحين ( البخاري ومسلم ) عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه ذلك فليستعذ بالله ولينته ) متفق عليه )
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله :إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول : من خلقك ؟ فيقول : الله ، فيقول : فمن خلق الله ؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل : آمنت بالله ورسوله ، فإن ذلك يذهب عنه ) حسسنه الألباني .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله لا يزال الناس يتساءلون ، حتى يقال : هذا خلق الله الخلق ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل : آمنت بالله ورسوله ) أخرجه الإمام مسلم
قال النووي : ( أما معاني الأحاديث وفقهها فقوله صلى الله عليه وسلم : ذلك صريح الإيمان ، ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان ، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه ، وأما الكافر فإنه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد فعلى هذا معنى الحديث : سبب الوسوسة محض الإيمان ، أو الوسوسة علامة محض الإيمان وهذا القول اختيار القاضي عياض
وأما قوله : ( فمن وجد ذلك فليقل : آمنت بالله وفي الرواية الأخرى ( فليستعذ بالله ولينته ) فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه قال الإمام المازري - رحمه الله - : ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها ، والرد لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها قال : والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر على قسمين : فأما التي ليست بمستقرة ولا أوجبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها ، وعلى هذا يحمل الحديث ، وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة ، فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل لا أصل له ينظر فيه وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فأن لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها والله أعلم
وأما قوله : ( فليستعذ بالله ، ولينته ) فمعناه : إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه ، وليعرض عن الفكر في ذلك ، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان ، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 316 ، 317 )
ولطرد وسوسة الشيطان في الأمور الإعتقادية ، فلا بد من اتباع الوسائل التالية اقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1- أن يقدم اليقين على الشك : وهذا لا يكون إلا لمن صحت عقيدته وأخلص لله توجهه ، وتمسك بحبل الله المتين والعروة الوثقى ، وابتعد عن المعاصي وحافظ على كل ما يقرب إلى الله عز وجل
2)- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، ولينته عن التفكير في تلك الأمور
3)- أن يقول " آمنت بالله ورسله " .
الوسوسة في الصلاة :
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيلبس عليه حتى لا يدري كم صلى ، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم ، ثم يسلم ) متفق عليه )
عن عثمان ابن أبي العاصي - رضي الله عنه - قال : قلت يا رسول الله : إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا ) ففعلت ذلك فأذهبه الله عني ) أخرجه الإمام مسلم.
قال النووي : ( أما خنزب فبخاء معجمة مكسورة ثم نون ساكنة ثم زاي مكسورة ومفتوحة ، ويقال أيضا : بفتح الخاء والزاي حكاه القاضي ، ويقال أيضا : بضم الخاء وفتح الزاي ، حكاه ابن الأثير في النهاية ، وهو غريب وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عن وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا ، ومعنى يلبسها أي يخلطها ويشككني فيها وهو بفتح أوله وكسر ثالثه ، ومعنى حال بيني وبينها أي نكدني فيه ، ومعنى لذتها ، والفراغ للخشوع فيها ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 358 ، 359 )
ولطرد وسوسة الشيطان في الصلاة فلا بد من اتباع الوسائل التالية اقتداء بهدي رسول الله :
1)- أن يقدم اليقين على الشك
2)- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم
3)- التفل عن اليسار ثلاثا
4)- فإن عاد للوسوسة ، فعد لفعل ذلك
5)- إن لبس عليه يسجد سجود السهو
وكثير من الناس ممن يعاني من داء الوسوسة قد ابتلي بهذا الداء نتيجة البعد عن منهج الكتاب والسنة ، واقتراف المعاصي وحب الشهوات والغرق في الدنيا وملذاتها .
2)- وسوسة داخلية عن طريق مس شيطاني :
عن عثمان بن ابي العاص - رضي الله عنه- قال : لما استعملني رسول الله على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك ، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن أبي العاص ؟ ) قلت : نعم ! يا رسول الله ! قال : ( ما جاء بك ؟ ) قلت : يا رسول الله ! عرض لي شيء في صلواتي ،حتى ما أدري ما أصلي قال : ( ذاك الشيطان ،أدنه ) فدنوت منه ، فجلست على صدور قدمي ، قال : فضرب صدري بيده ، وتفل في فمي ، وقال : (اخرج عدو الله ! ) ففعل ذلك ثلاث مرات ،ثم قال : ( الحق بعملك ) حسنة الالباني.
وكلا النوعين السابقين من أنواع الوسوسة يحتاج للآتي :
1)- العقيدة الصحيحة التي ترد وسوسة الشيطان ، وتحفظ الإنسان وتقيه من كيده وتربصه
2)- الاعتصام بالله سبحانه وتعالى ، واللجوء إليه والتضرع له بالدعاء والذكر
3)- المحافظة على تلاوة القرآن وحفظ السنة النبوية المطهرة
4)- الرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة
وأنقل كلاما جميلا لابن القيم - رحمه الله - يقول فيه : ( ومن كيده الذي بلغ به من الجهال ما بلغ : الوسواس الذي كادهم به في أمر الطهارة والصلاة عند عقد النية ، حتى ألقاهم في الآصار والأغلال ، وأخرجهم عن اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيل إلى أحدهم أن ما جاءت به السنة لا يكفي حتى يضم إليه غيره ، فجمع لهم بين هذا الظن الفاسد ، والتعب الحاضر ، وبطلان الأجر وتنقيصه ) ( اغاثة اللهفان من مصائد الشيطان - 1 / 197 )
قال الأستاذ زهير حموي : ( والوسواس على أنواع كثيرة منها :
1- الوسواس القهري أو اللاإرادي : وهو ما يتعلق بالسلوك اليومي ، والتردد في فعل أشياء تتكرر في حياة الإنسان ، كالتأكد أكثر من مرة من إغلاق باب البيت ، وهذا مجال بحثه في ( علم النفس )
2- وسواس العقيدة وتلبيس الحق : وهذا الوسواس قد يتعرض له الإنسان في مرحلة من مراحل حياته ، أو نتيجة ظرف معين يمر به ، وهو من الشيطان
3- وسواس الطهارة : ومن أساليب الشيطان في الوسوسة التشكيك في الطهارة ، ومن مظاهر هذا الوسواس غسل الأعضاء في الوضوء أكثر مما نصت عليه السنة ، وإعادة الوضوء
4- وسواس الصلاة : ومن أساليب الشيطان في الوسوسة التشويش على الإنسان في الصلاة ، ومن مظاهر هذا الوسواس إعادة بعض الحروف وتكرارها في الصلاة ، وإعادة النية - مكانها القلب - وكثرة الشرود في الصلاة ، والسهو فيها ) ( الإنسان بين السحر والعين والجان – باختصار - 213 ، 216 )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق