الشيخ الروحاني مصطفى الزيات

الشيخ الروحاني مصطفى الزيات
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الروحاني مصطفي الزيات

السبت، 29 أغسطس 2020

الفاحشة ودورها في تقوية الشياطين الشيخ الروحانى مصطفى الزيات لجلب الحببيب بالقران 00201124436244

الفاحشة من أوامر الشيطان: الشيطان على دراية واسعة بالعلوم الروحية، على الأقل؛ بصفته من الجن، وهم من عالم الأرواح، وإلا لعجز عن التلبس بأجساد البشر، ولما تمكن من صرعهم والتخبط بهم. لذلك فهو يعلم الكثير من أسرارها، مما نجهله نحن المعالجون الشرعيون، بسبب انحصار علمنا في حدود المتاح من نصوص شرعية، وما لم يرد فيه نص، مما قد نتوصل إليه من معلومات جديدة، بالخبرة والتجربة الشخصية. فالوحي لم ينزل لتستوفي كل أسرار عالم الجن، بقدر ما قدم لنا ما يثبت وجود عالم الجن، وما يكشف اختلاف خصائص خلقهم عنا، وهذا بالقدر الذي يتوافق مع ما نتحصن به منه شرور شياطينهم.

هذا مقارنة بالسحرة فهم على اطلاع واسع ببواطن العلوم الروحية وأسرارها، لأن الشياطين تلقنهم الكثير من المعلومات وأسرار العلوم الروحية، ليكونوا مؤهلين للقيام بمهمتهم في صناعة السحر، باعتبار العلوم الروحية جزء لا ينفصل عن العلوم السحرية، قال تعالى: (وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة: 102]. بمعنى أن معرفة السحرة بالعلوم الروحية، دائما متشابكة مع علوم السحر الكفرية، أي أنها خليط من الحق والباطل معا، فمعلوماتهم مفخخة، وتفتقد الصفاء، فلا يمكن الركون إليها، والاعتماد عليها، لذلك لا يعول على معلوماتهم، إلا ما ثبت بالتجربة للمعالج الشرعي الملتزم بنصوص أحكام الشريعة وضوابطها في تحصيل المعلومات، واستنباطها، وتحليل ما يعرض أمامه من مستجدات، فلا يقحم الوهم والهوى فيما يكتشف من ظواهر تجد عليه.

القدرة على الاجتهاد في العلوم الروحية لا يتساوى فيها كل المعالجين، إنما يتفرد بها صفوتهم من أهل الاطلاع على العلوم والمعارف المختلفة، وأصحاب التجربة والخبرة الواسعة، فالجن لن يسربوا أي معلومة إلا لمعالج مؤهل بالفعل لاستقبالها، وقادر على استيعاب ما يسربونه إليه من معلومات على لسان المرضى، وإلا فعملية تسريب هذه المعلومات محفوفة بالمخاطر، وتهدد سلامتهم وأمنهم، فلن تسمح الشياطين لهم بتسريبها، فيكون الثمن حياتهم قبل إكمال تبليغها، وفي نفس الوقت قد لا يستوعب المعالج بعلمه المحدود تلك المعلومة، رغم أهميتها البالغة، فيكونوا قد دفعوا حياتهم ثمنا لتسريب معلومة، لن ينتفع بها هذا المعالج، وقدي يسيء فهمها، أو على الأقل لن يقدر أهميتها، وبالتالي يهملها، فيغبنها حقها، ويرمي بها وراء ظهره، ويمر عليها كأن لم يسمعها، لذلك يجب أن نفرق بين كلام الساحر الذي يقدم لنا معلومات مفخخة مقترنة بالعلوم السحرية، وبين كلام المعالج ذو الخلفية الشرعية، الذي يقدم لنا معلومات وأسرار جديدة عن عالم الجن، وبين المدلس الذي يلبس الباطل ثوب الحق، فيتكلم بلسان الدين، ويقدم لنا معلومات وهمية، وهؤلاء المدلسين ما أكثرهم، مجرد مرتزقة من المدعين والدجالين، فلا يصح أن يلتفت لقولهم، ويجب أن نضعهم في حجمهم الحقيقي.


لذلك يجيد الشيطان استغلال جهلنا بالعلوم الروحية، ويعرف كيفية تسخيرها في بث الشرور، من خلال منظومة السحر، بدليل أن الفاحشة بكل أشكالها وصورها أمر من أوامر الشيطان لقوله تعالى: (وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) [النور: 21]. فالشيطان يأمر، والمأمور يطيع وينفذ، ويتبع ما تتلوه الشياطين من عزائم كفرية، وما تلقنه من علوم سحرية، لقوله تعالى: (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) [البقرة: 102]. فكل من سلك طريق الفحشاء والمنكر فقد أطاع أوامر الشيطان وإملائاته، فيعملون بتعاليمه، والتي لا تخرج عن تطبيقات لعلوم السحر، قال تعالى: (وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة: 102]. فعلوم السحر لها تطبيقات ظاهرة يباشرها الساحر، ويطبقها عن دراية كاملة، فيدرك أن ما يقوم به هو عين السحر، ومنها تطبيقات خفية، يباشرها الإنسان بجهالته، ويطبقها ولا يدري أن ما يقوم به سحر.

فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ الربا والفاحشة كلاهما محرمان ومنهي عنهما شرعا، لكن من تعامل بالربا والفاحشة يكون قد اتبع أمر الشيطان، وبتبعيته دخل في ممارسة السحر، ولا يدري أنه يسحر لنفسه بنفسه، لأن أكل السحت، وإتيان الفواحش، وفعل المنكرات، جزء لا يتجزأ من السحر، مما يزيد الداء تعقيدا، ويؤدي إلى إخفاقات العلاج وفشله، مما يؤخر الشفاء. وهذا من أهم أسباب فشل غالبية المعالجين، فيحرمون التوفيق في تحصيل الجديد من العلم، وبالتالي يضلون عن الوصول إلى التشخيص السليم، وتوصيف العلاج الشافي، فهم يتخبطون، وسبب جوهري في تدهور حال المرضى، الذين يهلكون أنفسهم بأيديهم وهم لا يشعرون.

الفاحشة جزء غاية في الخطورة من أوامر الشيطان، يمليها الشطيان على أتباعه، فيغيريهم بإتيان الفواحش والمنكرات، فيتم تدنيسهم وتدنيس أجسادهم مما يترتب عليه تدنيس أرواحهم أيضا، بصفتها جزء لا يتجزء من مركبات الإنسان، فتكون الفاحشة سببا في سيطرة الشيطان، وتمكنه من جسد أتباعه وهم لا يشعرون. ولا تقتصر الفاحشة على مجرد المعاشرة الجنسية في الحرام فقط، ولكن العري والتهتك والسفور، مترادفات لكشف العورات، وكشفها فاحشة من الفواحش، فجاء الشرع بضوابط ملزمة، تبين حدود عورة كل من الرجل والمرأة.

كشف العورات: الستر مطلوب حتى في أثناء الجماع بين الزوجين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدُكم أهلَه فلْيستترْ ولا يتجردا تجردَّ العِيرَينِ). () فانكشاف العورات له تأثير حسي في نفس كل إنسان، وهذا التأثير ينعكس على كيانه الروحي، باعتبار أن العقل المفكر يقع داخل الروح لا الجسد، فإما أن يحرك شهوته، مما يؤدي إلى الرغبة الجنسية، سواء في حلها أم حرامها، وإما أن تألف النفس العري، مما يفضي إلى الزهد في الجنس الآخر، وبالتالي العزوف عن الزواج، مما يجنح بالإنسان إلى الشذوذ، والقيام بممارسات جنسية شاذة خارج المباح والمشروع، والنتيجة نشوء مجتمع اللقطاء، الذي تختلط فيه الأنساب، وتستباح فيه الحرمات.

جاء أمر الله تبارك وتعالى للمؤمنين بغض البصر عن عورات الآخرين، مقترنا بحفظ الفروج، فقال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30]. ثم أتبع نفس الأوامر للمؤمنات أيضا في الآية التالية فقال: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [النور: 31]. لا يسلم الأمر من انكشاف عوراتنا ونحن لا ندري، ولكن أن يقع نظر إلى عورات الآخرين فهذا أمر قدري مكتوب على كل إنسان، أما أن نطيل النظر إلى عورات الآخرين فلا نغض البصر فهذا مآله إلى فاعله، ويحمل وزره يوم القيامة، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللهَ كتب على ابنِ آدمَ حظُّه من الزِّنى. أدرَك ذلك لا مَحالةَ. فزنى العَينَينِ النظرُ. وزنى اللسانِ النُّطقُ. والنفسُ تمنَّى وتشتَهي. والفرجُ يُصدِّقُ ذلك أو يُكذِّبُه). () والشيطان ينتهز فرصة حظ ابن آدم من النظر، فإن غض البصر خنس الشيطان وانصرف، وإن أطال النظر واشتهت نفسه، وانتعظ فرجه، حضر الشيطان واستطال فتسلط عليه.

وفي المقابل حذر الله عز وجل من تلصص الشيطان وقبيله النظر إلينا، وما يترتب على هذا من فتنة عظيمة تسببت في خروج أبوينا من الجنة، فقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 27، 28]. فالشيطان لن ينظر إلى عوراتنا لمجرد الاستمتاع، أو لإشباع شهوته، كيف وقد ألفت نفسه الخبيثة النظر إلى العورات من خفاء؟! فهذا فهم ساذج، ونظرة سطحية للموضوع! بكل تأكيد العري يحرك شهوة الشياطين، ويحفز غريزتهم، ففي الجن من الغرائز الجنسية ما فينا تماما، لقوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ) [الرحمن: 74]، ولكن هتك ستر الجسد، واستباحة حرماته يهيء للشيطان من الفرص، مالا يمكن له أن يتمكن منه والإنسان في كامل ستره.

لذلك كان واجبا علينا ستر عوراتنا عن أعين الجن، خاصة الشياطين منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سَترُ ما بين أعينِ الجنِّ، وعوْراتِ بني آدمَ، إذا دخل أحدُهم الخلاءَ أن يقولَ: بسمِ اللهِ). () وفي رواية أخرى قال: (ستر ما بين أعين الجن، وعورات بني آدم، إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول : بسم الله). () وهي رواية أعم من الأولى، فتشمل ستر العورة سواء إذا كشف عورته داخل الخلاء، أو خارجه، أما قبل دخول الخلاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الحُشوشَ مُحْتَضَرةٌ، فإذا أتى أحدُكم الخلاءَ فلْيَقُل: أعوذُ باللهِ مِن الخُبْثِ والخَبائِثِ). () فلا يغني أحد الدعائين عن الآخر، فنقول قبل دخول الخلاء: (أعوذُ باللهِ مِن الخُبْثِ، والخبائثِ)، ثم إذا دخلنا الخلاء، فأردنا كشف عورتنا قلنا: (بسم الله).

في واقع الأمر؛ نحن لا نملك جسدا واحدا فقط، ولكن كما سبق وشرحت فللإنسان عدة أجساد متحدة مع بعضها البعض، فلا تنفصل إلا بالموت، ومنها (الجسد الجني)، والذي يعتبر جسدا وسيطا بين (الجسد المادي) وعالم الجن، فإن هتك ستر (الجسد المادي) وبدت عورته، تمكن الشيطان من (الجسد الجني)، فتسلط على جسد هذا الإنسان، فيصيب (جسده الروحي) بالشرور والأذى، وبهذا يتسلط الشيطان على روح الإنسان، ويضعفها حتى تطرد من رحمة الله تبارك وتعالى. وبنفس هذه الحيلة الغاية في القدم تمكن الشيطان من إخراج أبوينا من الجنة، وبرغم أنها حيلة موغلة في القدم، إلا أن الكثير منا لم يتعلم من أول درس في تاريخ البشرية، ويصر بمنتهى الصلف والكبر على الاستمرار في تكرار نفس الخطيئة، وكأنه لم يعي الدرس بعد، ثم نشكو بعد هذا من المس والسحر، ولا ندري أننا بأفعالنا صرنا جزءا من منظومة الشيطان السحرية، باتباع أوامره من الفواحش والمنكر.

لذلك حرم الله تعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن، لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأعراف: 33]. وأول فاحشة وقعت في تاريخ البشرية سجلها القرآن الكريم، مؤكدا أنها كانت بمكيدة من الشيطان، لتكون عبرة للبشر، قال تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: 120، 121]. ولأن الوسوسة عرض من أعراض السحر يمارسه الشيطان علينا، والسحر فتنة من الشيطان، فبالسحر تمكن الشيطان بالوسوسة لآدم عليه السلام من فتنته وزوجه، فجردهما من لباسهما، حتى بدت لهما سوءاتهما، ولأن العري من الفواحش المنكرة، وبأمر من الشيطان، فقد حذرنا الله تبارك تعالى من فتنة الشيطان قائلا: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) [الأعراف: 27]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق